حقوق المرأة فى الإسلام
حقوق المرأة فى الإسلام
يكتسب موضوع حقوق المرأة فى الإسلام حيوية متزايدة، بما يثيره من جدل حول الحقوق وممارستها،
وما يتصل بذلك من أسانيد وتأويلات ، فضلا عن مساحات تتداخل فى الموضوع من عادات وتقاليد
متوارثة فى وقت تتسارع فيه خطى التغيرات وطبيعة التحديات.
ونبادر إلى القول إلى أن الفهم الشامل والواعى لحقوق المرأة فى إطار أهداف الشريعة الكلية يمثل التزاما
دينيا وأخلاقيا وإنسانيا أمام المسلمين. ولقد حسمت الشريعة الغراء قبل غيرها المساواة فى الإنسانية
دون تمييز بين البشر جميعا أو بين رجل وامرأة {ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكروأنثى وجعلناكم شعوبا
وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير}الحجرات:13.
وكفلت الشريعة للمرأة حقوقها المدنية والمشاركة فى الحياة العامة كعنصر فعال فى المجتمع الإنسانى،
وقضى الإسلام على ما ساد المجتمعات الانسانية قبله من تفرقة بين الرجل ، والمرأة أمام القانون أو
فى الحقوق العامة أو فى القيمة، قال الله تعالى: {ولقد كرمنا بنى آدم}الإسراء:70. وقال: {فاستجاب
لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكرأوأنثى بعضكم من بعض}آل عمران:195.
وقال: {للرجال نصيبا مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن}النساء:32.
وسمح الإسلام للمراة بدور فعال فى المجتمع والحياة العامة، ودعاها للعلم والمعرفة، وهى تتمتع -كالرجل-
بحقوقها المدنية ومن بينها العمل والاتجار وتولى الوظائف ، كما اعترف بحقوقها السياسية فى قوله
تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}التوبة:71.
وجاءت أحوالها الشخصية -من أسرة وزواج وطلاق ورعاية طفل ومسئولياتها- راسخة الصلة بالمنظور
الإسلامى للأسرة والمجتمع وتوزيع الأدوار بين الرجل والمرأة، لما فيه صلاح المجتمع والأمة فى إطار
المساواة فى القيمة والكرامة دون نظرة دونية، تتأسى على سوء الفهم أو البعد عن الممارسة السليمة.
ولقد سبق الإسلام غيره فى كل ذلك من عدة قرون حيث تأسست النظرة الإسلامية على مبدأ مساواة
المرأة بالرجل ، ومراعاة الاختلاف بينهما فى القدرات الطبيعية كما خلقها الله (1). والتكامل بينهما
لخدمة المجتمع ، وهى نظرة عميقة أبعد ما تكون عن دعاوى التهميش.
وللموضوع فضلا عن ذلك أبعاده فى الإطارين الإسلامى والدولى، ففى الاطار الإسلامى اتفقت الدول
الإسلامية على إصدار ميثاق حقوق الانسان فى الاسلام ،ومن بين ما يقرره أن الأسرة هى الأساس
فى بناء المجتمع ، والزواج أساس تكوينها.. كما تنص المادة السادسة فى الإعلان على أن المرأة
مساوية للرجل فى الكرامة الإنسانية(1).
ولها من الحق مثل ما عليها من الواجبات ، ولها شخصيتها المدنية وذمتها المالية المستقلة، وحق الاحتفاظ
باسمها ونسبها، وأن على الرجل عبء الأنفاق على الأسرة ومسئوليته ورعايتها.. كما تنص المادة
الخامسة والعشرون على "أن الشريعة الإسلامية هى المرجع الوحيد لتفسير أو توضيح أى مادة من مواد
هذه الوثيقة"(2).
وإذا تناولنا الاطار الدولى للموضوع فالشرعية الدولية لحقوق الإنسان بما فى ذلك حقوق المرأة تتضمنها
ثلاثة وثائق رئيسية هى:
1- الإعلان العالمى لحقوق الإنسان 1948.
2- العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966.
3- والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية 1966 ، والاتفاقيات المنبثقة عنها.
وقد انعكست معالم واضحة فى الفكر الغربى(3) فى هذه الإعلانات التى يستهدف حماية مجمل حقوق
الانسان اللازمة لممارسة حياة آمنة، وهى أهداف سبقت إليها الشريعة الإسلامية وقررتها وحددتها
، وتبقى الممارسة السليمة علامة هامة على طريق تحقيق هذه الأهداف.