يسود الموقف المغربي من الطاقة نوع من الحياد والتجاهل، أو قد يكون فقط نوع من الإذعان والاستسلام لواقع يُعتقد أنه لا تتوفر القدرة على مواجهته أو على تغييره. فالاهتمام بإشكالية الطاقة من طرف العموم ضعيف، وتقديمها من طرف العاملين بالقطاع في كثير من الأحيان سلبي وفي عدد من الحالات مغلوط، فالطاقات المتجددة لا تصلح لشيء ولا مفر من العمل لرفع الحضر على المحضور (استعمال الطاقة النووية). ينتج عن هذا قناعة العديد من الأوساط (بما في ذلك قيادات الأحزاب السياسية) على أن الوضع الطاقي بالمغرب قضاء وقدر ولا مفر منه. وينتج عن كل هذا وغيره التخلف الحالي للمجتمع المغربي في علاقته مع الطاقة، وذلك على مختلف المستويات:
- فاستهلاك المواطن المغربي من الطاقة الأولية (أقل من نصف طن معادل بترول بالسنة) يمثل أقل من ثلث المتوسط العالمي وأقل من عشر متوسط الاستهلاك الفردي بالدول الصناعية.
- تبعية شبه مطلقة للسوق الدولية على مختلف المستويات: المصادر، التقنيات، ومؤخرا التمويل والتسيير.
- تعامل لا عقلاني على العديد من المستويات ينتج عنه مردود ضعيف للموارد المستهلكة.
لإلقاء بعض الضوء على إشكالية الطاقة في بعديها الوطني والعالمي، وعلى أمل المساهمة في رفع المعنويات وتحقيق نوع من الثقة في إمكانية مساهمة فعالة للمغرب بعقول وسواعد مغربية في حل إشكالية الطاقة في مختلف أبعادها نقدم هذا العرض ونقسمه على المحاور المقدمة بالفهرس.
الطاقة
إن تواجد المادة، كما عرَّفه أينشتاين، ينحصر في مظهرين: الكتلة والطاقة. وتربط بين المظهرين العلاقة العامة المعروفة:
E = m . C 2
حيث تمثل E المظهر الأول للمادة وهو الطاقة و m المظهر الثاني للمادة وهو الكتلة و C سرعة الضوء في الفراغ [1]. هكذا نرى أنه بالنسبة للطبيعة ومن منظور كيميائي فالطاقة ليست أحد ملايين المركبات الكيماوية أو أحد النظائر الألف أو أحد العناصر [2] المائة المكونة للوجود، وإنما هي أحد مكونين اثنين، الكتلة والطاقة، ولا ثالث لهما.
يمكن تصنيف أشكال تواجد المظهر الطاقي للمادة في خانتين. بالأولى نجد الشكل الذي لا يحتاج إلى حامل [3] وهو الموجات الكهرومغناطيسية، وهذا هو الشكل الأصلي للمظهر الطاقي للمادة. وبالثانية نجد الأشكال التي تحتاج إلى حامل، أي تحتاج إلى المادة في مظهرها الثاني، أي الكتلة، كي تختلط بها. ولا وجود لهذه الأشكال الأخيرة من الطاقة (الطاقة الحركية، الطاقة الكيماوية ...) إلا بوجود الكتلة التي تحملها. هذه الأشكال التي هي أصلا نتيجة تفاعلات وتزاوج الشكل الأصلي للطاقة - الموجات الكهرومغناطيسية – مع الكتلة.
فالكتلة هي أولا أحد مظهري تواجد المادة، وهي ثانيا الرصيد الأساسي من الطاقة وهي ثالثا الحامل (الإناء، الوسيط) الوحيد الذي بمتناول الإنسانية استعماله لادخار الطاقة به في طريقها بين الرصيد الأساسي (الكتلة) وتبددها النهائي في الكون.
الطاقة ، مستوى الاستهلاك، التنمية
إذا كانت حاجيات أغلب الأجسام الحية من الطاقة تنحصر عموما في الحاجيات الغذائية، فإن الإنسان يمثل الشذوذ عن هذه القاعدة. فمتوسط الاستهلاك الفردي من الطاقة غير الغذائية يصل حاليا بالدول المصنعة إلى أضعاف مضاعفة من استهلاكه من الطاقة المشحونة على الحوامل القابلة للهضم (أي الطاقة الغذائية) (الرسم البياني 1).
الرسم البياني 1: تطور حاجيات الإنسان من الطاقة عبر العصور
وهذا الاستهلاك غير الغذائي من الطاقة يختلف بشكل حاد بين الدول (الرسم البياني 2) وكذلك بين الأفراد داخل كل مجتمع. فمتوسط الاستهلاك الفردي بالولايات المتحدة من الطاقة الأولية المتاجر بها يصل حوالي 8 أطنان معادل بترول بالسنة. أما بالبركنافاسو أو التشاد وبعدد آخر من الدول الفقيرة فهو لا يزيد عن 0,016 طن معادل بترول بالسنة، أي 0,2 % من استهلاك المواطن الأمريكي. وهذا يعني أن استهلاك مواطن واحد من الولايات المتحدة يقابله استهلاك حوالي 500 مواطن من التشاد، واستهلاك الولايات المتحدة كدولة هو حوالي 9 أضعاف استهلاك مجموع ساكنة القارة الإفريقية بمن فيهم من المترفين المبذرين، أفارقة وأجانب.
الرسم البياني 2: الاستهلاك الفردي من الطاقة حسب الدول
يعتبر استهلاك الطاقة غير الغذائية مؤشراً من مؤشرات التنمية ويرتبط بباقي المؤشرات ويؤثر فيها ويتأثر بها، وهذا ما يتضح من الرسوم البيانية التالية.
الرسوم تعطي تغير متوسط الأعمار المنتظر (الرسم البياني 3)، وفيات الأطفال الرضع لكل 1000 مولود حي (الرسم البياني 4) ونسبة الأمية (الرسم البياني 5) حسب متوسط مستوى الاستهلاك الفردي ب 135 دولة.
الرسم البياني 3: الترابط بين الاستهلاك الفردي من الطاقة ومؤشر التنمية: العمر المنتظر
الرسم البياني 4: الترابط بين الاستهلاك الفردي من الطاقة ومؤشر التنمية: وفيات الأطفال
الرسم البياني 5: الترابط بين الاستهلاك الفردي من الطاقة ومؤشر التنمية: الأمية بين النساء
يتضح جليا من هذه الرسوم أن دور مستوى الاستهلاك الفردي للطاقة جد هام ويؤثر بشكل كبير في مختلف مؤشرات التنمية. إلا أن هذا التأثير، يكون كبيرا جدا، عند ازدياد الاستهلاك المنخفض بالدول الفقيرة، ويتناقص هذا التأثير وينعدم تقريبا عند مستوى الاستهلاك العالي بالدول الغنية. أضف إلى هذا أن استهلاك الطاقة ليس هو المؤثر الوحيد في هذه المؤشرات وهو ما يفسر شكل انتشار النقط بالرسوم البيانية وعدم تواجدها على منحنى يعطي التناسب على شكل دالة معينة.
تاريخ وواقع استهلاك الطاقة الأولية
لقد تطور استهلاك الإنسان من الطاقة غير الغذائية عبر العصور، لكن منذ بداية تعامله مع النار وحتى وقت قريب بشكل بطيء (الرسم البياني 6). فمتوسط الاستهلاك الفردي على المستوى العالمي وحتى بداية القرن الثامن عشر لم يزد عن 0,25 طن معادل بترول بالسنة. وقد اعتمد الإنسان حتى ذلك الحين الكتلة العضوية (الحطب وفحم الخشب) كمصدر أساسي للطاقة، أما دور المصادر الأحفورية فقد كان أقل من 2 % عند هذا التاريخ (حجم الاستهلاك العالمي حوالي ثلاث ملايين طن من الفحم الحجري سنويا).
الرسم البياني 6: تطور استهلاك الطاقة حتى فجر الثورة الصناعية
انطلق استهلاك الفحم نهاية القرن السابع عشر ببطء، بحيث لم يصل عند منتصف القرن التاسع عشر، أي بعد ما يزيد عن قرن ونصف، إلا إلى حوالي 50 مليون طن بالسنة وأصبح يمثل ما يقرب من 15 % من الاستهلاك العالمي العام. ويمكن اعتبار أن هذا التاريخ (كما يتبين من الرسم البياني 7) يمثل انطلاق الاستهلاك المكثف للمصادر الأحفورية.
الرسم البياني 7: تطور استهلاك الطاقة منذ فجر الثورة الصناعية
باكتشاف البترول (قاعدة طاقية أكثر مرونة من الفحم الحجري)، تسارع استهلاك المصادر الاحفورية نظرا للتركيز العالي للطاقة بها بالمقارنة مع مستوى التركيز بالكتلة العضوية التي كانت تغطي آن ذاك جل الاستهلاك العالمي. وهذا التطور للاستهلاك هو ناتج كذلك عن سهولة نقل وادخار هذه المصادر وسهولة معالجتها من أجل توسيع مجال استعمالاتها. وقد اكتمل عقد المصادر الاحفورية بانطلاق الاستهلاك المكثف للغاز الطبيعي منذ بضعة عقود. ووصل حجم استهلاك المصادر الاحفورية للطاقة 8,54 مليار طن معادل بترول سنة 2003، وأصبحت تغطي حوالي 82 % من مجموع الاستهلاك العالمي الذي يقدر ب 10,50 مليار طن معادل بترول (الرسم البياني 7).
أما على مستوى المتوسط العالمي للاستهلاك الفردي فقد وصل مع بداية الحرب العالمية الثانية إلى حوالي 0,8 طن معادل بترول بالسنة. بعد هذه الحرب، تضاعف هذا المتوسط بين سنتين 1950 و1973 ليصل إلى ما يقرب من 1,6 طن معادل بترول في السنة. إلا أن هذا المتوسط (أكثر من 6 أضعاف متوسط بداية القرن الثامن عشر) ينتج خاصة عن تطور استهلاك أقـلية من ساكنة العالم (20 %) واستنزافها للمصادر المستعملة. فهي تستهلك جل الطاقة (80 % من الطلب العالمي). أما الأغلبية (80 % من سكان العالم)، فتعيش في ظلمات الفقر والتخلف ولا تستفيد إلا من 20 % المتبقية من الطاقة. وهذا يعني أن مواطنا من الأقلية يستهلك من الطاقة في المتوسط 16 ضعفا من متوسط استهلاك فرد من الأغلبية. أما في حالة مقارنة واقع أغنياء الأغنياء بفقراء الفقراء فإن الأبدان تقشعر.
لقد استقر متوسط الاستهلاك الفردي على المستوى العالمي منذ بداية الثمانينيات، أي خلال الفترة الأخيرة وبعد ما يسمى بأزمات البترول لسنتي 1973 و 1979، ما بين 1,60 و 1,65 طن معادل بترول (الرسم البياني 7). وهذا الاستقرار هو ناتج عن عدد من الأسباب نعتقد أن من أهمها:
- ارتفاع الاستهلاك الفردي بالدول المصنعة من الناحية النسبية بشيء من البطء (الرسم البياني . فقد كان أقصى ارتفاع وصل إليه هو 45 % خلال الفترة بين سنتي 1982 و 1996، أي ما يعادل حوالي 2,7 % سنويا، وذلك باليابان. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فقد حققت 16,8 % خلال نفس الفترة وهو ما يمثل متوسطا سنويا قدره 1,12 %.
الرسم البياني 8: تطور الاستهلاك الفردي من الطاقة بالدول الصناعية
أما من الناحية المطلقة فهذا الارتفاع النسبي الضعيف يعادل أضعاف الاستهلاك الفردي بالدول النامية. فالزيادة المطلقة بالولايات المتحدة خلال 14 سنة وصلت إلى 1,24 طن معادل بترول وهو ما يعادل 4 أضعاف الاستهلاك الفردي الحالي بالمغرب. أما بدولة كمالي فالزيادة المذكورة في الاستهلاك السنوي للمواطن الأمريكي تعادل استهلاك المواطن المالي طوال عمره، هذا إن كتب الله له أن يعيش عمرا مديدا من حوالي ستين سنة، وهو ما يزيد 20 % عن متوسط الأعمار بهذا البلد.
- ارتفاع الاستهلاك الفردي بالدول المصنعة الجديدة (نمور شرق آسيا) بوثيرة مذهلة، فقد تضاعف ما يقرب من أربع مرات خلال الفترة من 1982 إلى 1996 (الرسم البياني 9).
الرسم البياني 9: تطور الاستهلاك الفردي من الطاقة الأولية بالتايلاند، وبجمهورية كوريا الجنوبية وبالمغرب
فبكوريا الجنوبية وصلت الزيادة المطلقة في الاستهلاك الفردي خلال 14 سنة من 1982 إلى 1996 إلى ضعف نظيرتها بالولايات المتحدة الأمريكية أي حوالي 2,5 طن معادل بترول، ونظرا للمنطلق المرتفع نسبيا (طن معادل بترول للفرد سنة 1982) فإن المقارنة بما يقع بالدول الفقيرة تصبح مؤلمة ومحبطة للعزائم.
للتذكير فإن الاستهلاك الفردي بجمهورية كرويا الجنوبية كان بداية الستينات يعادل نظيره بالمغرب وأصبح منتصف التسعينات يعادل 11 ضعفا . . . . أما الاستهلاك الطاقي لكل مواطن بالتايلاند، والذي كان يعادل مثيله بالمغرب بداية الثمانينيات، فقد أصبح منتصف التسعينيات يمثل ثلاثة أضعافه.
لقد أصابت بعض دول شرق آسيا انتكاسة اقتصادية نهاية سنة 1997 وخلال سنة 1998 مما أدى إلى التراجع الواضح في الاستهلاك الفردي من الطاقة الأولية. لكن ديناميكية المنطقة مكنتها من التغلب السريع على الانتكاسة، وعاد النمو الاقتصادي إلى سالف عهده وتطور استهلاك الطاقة الأولية إلى مساره السابق.
- هكذا نجد أنه ليس هناك من سبب لاستقرار المتوسط العالمي للاستهلاك الفردي، بالإضافة إلى زيادة نسبة ساكنة دول العالم الثالث إلى مجموع ساكنة العالم، إلا تراجع لهذا المؤشر بالعديد من الدول الفقيرة (الرسم البياني 10 )، وهنا تكمن المخاطر. فهذا التراجع هو مؤشر لتدهور أكبر للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وما ينتج عن ذلك من عدم استقرار في الأوضاع السياسية واضطرابات اجتماعية وتدهور الأمن الداخلي والعلاقات مع الدول المجاورة، وهو ما نعيشه بالعديد من الدول الفقيرة.
الرسم البياني 10 يعطي تطور استهلاك المواطن من الطاقة بين سنتي 1980 و 1995 ب 26 دولة إفريقية، كان الاستهلاك الفردي بها سنة 1980 أقل من 0,18 طن م ب بالسنة، أي حوالي 2,5 % أو أقل من استهلاك مواطن من الولايات المتحدة الأمريكية (7,080 طن معادل بترول).
لقد قسمنا الرسم البياني إلى ثلاث أقسام:
الرسم البياني 10 : تطور الاستهلاك الفردي من الطاقة الأولية بالدول الفقيرة
· بالقسم الأول نجد الدول التي ازداد بها الاستهلاك المتوسط للمواطنين من الطاقة وعددهم 7. وأكبر زيادة تحققت كانت هي 30 كج م ب خلال الخمس عشرة سنة بأكملها، أي أنه لم يقع أي تغير فعلي للأوضاع الطاقية لهؤلاء المواطنين.
· بالقسم الثاني نجد الدول التي تراجع استهلاك المواطنين من الطاقة بها، وهم الأغلبية، إذ وصل تعدادهم 19 دولة. وقد كان التراجع عموما أكبر، وأحيانا أكبر بكثير (79 كج معادل بترول) من الزيادة القصوى التي تحققت بدولتين من القسم الأول.
· بالقسم الثالث لا توجد دول، لاستحالة تراجع في الاستهلاك أكبر من الاستهلاك نفسه.
إن إفريقيا (أو على الأقل عدد من الدول الفقيرة بها) توجد في أوضاع جد حرجة حتى لا نقول إنها تحتضر. فهل يعقل أن ينخفض استهلاك من لا يستهلك [4]؟
لتغطية الطلب على الطاقة يستهلك الإنسان حاليا بالأساس المصادر الأحفورية. فهذه المصادر تغطي حوالي 82 % من الطلب العالمي و90 % من طلب الدول المصنعة. ويأخذ البترول الموقع الأول بينها بنسبة تصل حوالي 35 %، يتلوه الفحم بنسبة 25 % أما باقي الطلب العالمي على المصادر الأحفورية فيغطيه الغاز بنسبة 22 %. وقد وصل حجم استهلاك هذه المصادر سنة 2003 إلى 8,54 مليار طن معادل بترول. أما بقية الاستهلاك العالمي من الطاقة الأولية فتغطيه الطاقات المتجددة التقليدية (الكتلة العضوية: أساسا الحطب وفحم الخشب، والطاقة الجيوحرارية وغيرها) بحوالي 10 %، والطاقة الكهرومائية بما يقرب من 2,3 %، والطاقة النووية بحوالي 5,7 % (الرسم البياني 11).
الرسم 11: الاستهلاك العالمي من الطاقة الأولية حسب المصادر
هذا بالنسبة للطاقة الأولية، أما بالنسبة لإنتاج الكهرباء فإن دور المصادر الاحفورية يتراجع إلى حوالي 68 % بالمقارنة مع 82 % بالنسبة للطلب على الطاقة الأولية، لكن رغم هذا التراجع فإن هذه المصادر تظل في الموقع الأول بدون منازع، تتلوها الطاقة النووية بِما يقرب من 15,7 % والكهرومائية بحوالي 15,6 % (الرسم البياني 12). أما المصادر الأخرى فتتمثل في الطاقة الجيوحرارية وطاقة الكتلة العضوية والطاقة الريحية و الطاقة الشمسية وغيرها.
الرسم 12: الاستهلاك العالمي من الكهرباء حسب مصادر الطاقة الأولية المستعملة
الأسباب الطاقية لمحدودية التنمية الحالية:
إذا قارنا تجربة الإنسان في ميدان التنمية مع تجربة الطبيعة في ميدان التطور من ناحية خصائص المصادر المستعملة لتغطية الطلب على الطاقة، تتضح بكل جلاء سلبيات تجربة الإنسان وأخطار الاستمرار والتشبث بهذا النهج الذي أصبح يهدد وجود ليس الإنسانية وحدها فقط، وإنما غيرها من الكائنات الحية أيضا.
فالإنسانية تعتمد من ناحية الكم على رصيد طاقي محدود. فمهما تعددت الاكتشافات وتطورت التقنيات، فتغطيته للطلب العالمي لن تزيد عن ثلاثة أو أربعة أجيال على أكبر تقدير (هذا إذا ضاع حق و أمل الدول النامية في النمو، النمو الذي لن يتحقق إلا بتضاعف الاستهلاك الفردي من الطاقة بهذه الدول أي استنزاف أسرع لهذا الرصيد). وعند اقتراب أو اتضاح قرب نضوب الموارد الطاقية المستعملة حاليا، فمن المؤكد أن أثمانها سترتفع جدا (والله في عون الفقير). هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالدول الغنية هي دول مصنعة تمتلك ترسانة قوية في ميادين البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، أي تتواجد في وضعية جيدة لمواجهة المشاكل المتوقعة وغير المتوقعة. بل أكثر من هذا، فالعديد من الدول الصناعية قد دخلت في المنعطف وانطلقت في تطوير واستعمال تقنيات متقدمة للاستفادة بشكل أفضل من المصادر الطاقية المتجددة غير المحدودة من الناحية الكمية.
والإنسانية باستهلاكها للمصادر الاحفورية تتسبب في تأثيرات كبيرة على خصائص المحيط الطبيعي. فتراكم غاز ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي ينتج عنه تزايد في ظاهرة الانحباس الحراري، وبالتالي ارتفاع متوسط درجة حرارة سطح الأرض أي تغيير جدري لأحد أهم شروط تطور الحياة على الأرض.
حجم الرصيد
يصل مجموع الرصيد العالمي بداية القرن الواحد والعشرون من المصادر الاحفورية الذي يقابل الاستهلاك المذكور إلى حوالي 740 مليار طن معادل بترول (الرسم البياني 13) ويمثل الفحم ثلثي هذا الرصيد، أي حوالي 490 مليار طن معادل بترول.
الرسم 13: الرصيد العالمي المؤكد من المصادر الاحفورية والنووية
إذا كانت وفرة الفحم تسمح باستمرار تغطية الطلب الحالي عليه، لأكثر من قرنين (210 سنة) فإن الوضع بالنسبة للحاملين الآخرين، البترول والغاز، يمكن اعتباره حرجا (الرسم البياني 14). فالرصيد المؤكد لا يسمح بتغطية طلب ثابت إلا لفترة تقرب من 40 سنة بالنسبة للبترول وتقرب من 60 سنة بالنسبة للغاز.
أما إذا أخذنا بعين الاعتبار التزايد السكاني بالعالم وضرورة الرفع من مستوى الاستهلاك الفردي بدول العالم الثالث لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية واعتبرنا أيضا تطور الاستهلاك العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية (3،3 % كمتوسط سنوي لهذه الفترة)، فإن زيادة من حوالي 3 %، كمتوسط عالمي خلال ثلاثة أو أربعة عقود أخرى، تعتبر ضرورية لحل العديد من مشاكل التخلف بالدول النامية (على شرط أن تتحقق هذه الزيادة أساسا بهذه الدول). في هذه الحالة (أي بزيادة 3 % سنويا في استهلاك المصادر الاحفورية) فإن الرصيد المؤكد المذكور، لن يسمح بتغطية الطلب إلا لفترة أقل بكثير، لا تصل إلا إلى 70 سنة بالنسبة للفحم وإلا إلى 25 سنة بالنسبة للبترول (الرسم البياني 14).
الرسم 14: آفاق تغطية الطلب الثابت والمتزايد على المصادر الاحفورية
وحتى إذا اعتبرنا أنه يمكن تعويض حامل بآخر، أي استعمال الفحم المتوفر بكثرة عوض المنتجات البترولية والغاز الطبيعي (الشيء الذي يصعب بالنسبة للعديد من الاستعمالات كالنقل الجوي و الطٌرقي، والذي لا يتحقق عند الاضطرار إلا بعد القيام بتحولات كيماوية جد معقدة)، فإن التغطية الزمنية لطلب ثابت لن تصل إلا إلى حوالي 100 سنة. أما إذا أخذنا بعين الاعتبار الزيادة المقترحة في الطلب فإن التغطية لن تصل حتى إلى نصف قرن (47 سنة فقط).
وإذا أخذنا ثقالة قطاع الطاقة هي الأخرى بعين الاعتبار، فإن نصف قرن، حسب التجربة التاريخية، غير كاف لتغيير منظومة بهذا الحجم وهذا التعقيد وهذا التشابك بالشكل المطلوب. من هنا تتضح إحدى المشاكل الأساسية للوضع الطاقي الحالي وضرورة إيجاد البديل المناسب والتحرك نحو المنعطف في أقرب وقت وبشكل جدي وفعال.
إن التطور بالطبيعة (الخلق الرباني) اعتمد مصدرا طاقيا للاستجابة لمتطلبات الحياة، منسجما مع البيْئة ولا ينفد بالمقارنة مع العمر المنتظر للمنظومة الحية. أما التنمية (الصنع الإنساني) فتعتمد حاليا على مصادر ذات تأثيرات سلبية على البيئة ولا تغطي إلا متطلبات جزء من الإنسانية (حوالي 20 % التي تمثل سكان الدول المصنعة) لفترة لا تستحق الذكر. إذا ما هي 20 % وما هي بضعة أجيال بالمقارنة مع الحجم الكلي والعمر الممكن للإنسانية.
هناك العديد من التصورات والطروحات التي تحاول أن تقنع بأن المشكل الكمي للطاقة ليس بهذه الخطورة، وأن هناك عددا من الحلول الفعالة المتوفرة. ولأن المجال لا يسمح بمناقشتها كلها بعمق، نقتصر على تحليل مختصر لأهمها، وهي المتعلقة باستعمال الطاقة النووية.
1- رصيد العالم من النظائر المستعملة في المحطات النووية لا يمثل إلا ما بين 5 و 7 % من رصيد المصادر الأحفورية، أي أنه لا يغير الوضع الكمي بشكل محسوس.
2- يظهر أن المفاعلات المتسارعة [5]، التي كان ينتظر منها أن ترفع من الفعالية الطاقية لهذا الرصيد حوالي 60 مرة وتجعله كميا ذا دور فعال، قد وقع التخلي عنها.
3- هناك من يعتبر تأثيرات استهلاك المصادر الأحفورية على البيئة أخطر من التأثيرات الناجمة عن استغلال المصادر النووية، وهناك من هو مقتنع بعكس ذلك. وحتى لا نسقط في متاهات نقاشات عقيمة وأكتفي بهذا الدعاء : ربنا لا تخيرنا بين الأضرار.
4- أما تقنية الانصهار النووي التي كانت تعقد عليها الآمال وكان ينتظر، حسب تقديرات نشرت بداية الثمانينات، أن تصل إلى الاستعمال التجاري في الفترة بين سنتي 2025 و 2040، فقد تبين أن التحكم فيها يتطلب مجهودات أكبر. فالتقديرات الحالية، بداية القرن الواحد والعشرون، تنتظر أن يتحقق الإنتاج التجاري للكهرباء باستعمال هذه التقنية بين سنتي 2050 و2060. أي أنه بعد مرور حوالي عشرين سنة من الانتظار، لم تنقص فترة الانتظار ولا حتى سنة واحدة، هذا إن لم تزد.
هكذا نرى أن هذه التوجهات والاقتراحات لا تقدم البديل الكمي، وإن قدمته، ولو جزئيا، فإنها لا تقدم البديل النوعي للطاقة الشمسية.
التأثير البيئي
أما الخصائص غير الطاقية للمصادر الأحفورية والنووية، فهي في تناقض كبير مع أسس التطور الطبيعي.
- إن الحياة تطورت على سطح الأرض في إطار تبادل طاقي عام غير مصحوب بتغيُر في التكوين العنصري للمجال الحي. فالسيل الطاقي الذي يدخل المجال الحي، يدخله بدون حامل ويغادره بدون حامل أيضا. وهكذا لا يتسبب في أي تغيير للتكوين العنصري العام للمجال الحي، وإن كانت النتيجة الأساسية لمرور الطاقة بهذا المجال هي عبارة عن تفاعلات كيماوية وتحولات فيزيائية، إلا أنها تظل في مجموعها أساسا دائرية.
- أما التنمية الحالية التي يقوم بها الإنسان والتي تتموقع هي الأخرى بالمجال الحيوي، أي نفس المجال الذي يحتوي التطور الطبيعي للحياة، فهي تعتمد مصادر للطاقة مخزونة بكتل تتواجد أساسا بالمجال الجيولوجي. أخرجها الإنسان من مجالها الأصلي وأدخلها إلى المجال الحيوي. وعند استهلاكه للطاقة المشحونة بهذه الكتل، حوَّل الحامل من الوضع المحايد بالنسبة للمجال الحيوي إلى وضع فعال. لكنه لم يعط أي اهتمام لهذا التحول ولتراكم الحامل الفارغ ومكوناته، التي تظل في حالة فعالة، والتغيرات العنصرية والكيماوية والفيزيائية التي تنتج عن ذلك بالمجال الحيوي والتأثيرات السلبية التي يمكن أن يتسبب فيها تراكم هذه المكونات على مسار وتطور ومستقبل الحياة.
- استهلاك المخزون الطَّاقي الاحفوري يتسبب في انبعاث عدد من المركبات وامتصاص أخرى. واعتبارا لكون العناصر التي تدخل في تكوين هذا المخزون هي أساسا الكربون والهيدروجين (لهذا تحمل هذه المصادر اسما آخر هو المصادر الكربهيدروجينية)، وأن لاستهلاك هذا المخزون طاقيا يجب أن يتفاعل مع الأكسجين، فإن أهم الانبعاثات والامتصاصات هي انبعاث ثاني أكسيد الكربون والماء (أو بخاره) وامتصاص الأكسجين. والنتيجة هي تراكم الأول والثاني وتراجع الثالث بجزء من المجال الحيوي، بالغلاف الجوي وبالمحيطات [6] .
إن كان تراجع الأكسجين بالغلاف الجوي يفوق قليلا من ناحية الكم الزيادة في تواجد ثاني أكسيد الكربون بالمجال الحيوي، إلا أن هذا التراجع يظل، اعتبارا لضخامة الكمية الأصلية من الأكسجين بهذا المجال، غير مستحق للذكر. فهذا التراجع لا يمثل إلا 0,0006 % من تواجد الأكسجين بالمجال الحيوي. هكذا لا نجد أحدا يعير هذا التراجع أي اهتمام. ولهذا نقتصر نحن أيضا بالنسبة لهذا الغاز على هذه الإشارة.
نفس الشيء يصح بالنسبة للماء. فحجم الماء الذي تم تكوينه نتيجة احتراق المصادر الطاقية الاحفورية منذ بداية استعمالها (150 إلى 250 مليار متر مكعب) يقع ما بين الحجم المتوسط لتهاطلات سنة وسنتين مطريتين بالمغرب، أي قطرة في بحر.
أما تراكم ثاني أكسيد الكربون ( CO 2 ) الذي، هو الآخر، لم يعره أحد أي انتباه عند الانطلاق في استهلاك المدخرات الأحفورية من الطاقة، فقد أصبح اليوم أحد المشاكل الكبرى التي تجند الإنسانية طاقات فكرية مهمة من أجل دراسته ودراسة تأثيراته الحالية والمنتظرة على المجال الحيوي عموما والنشاط البشري خصوصا، وتضع بين أيدي الطاقات الفكرية العاملة بهذا الميدان إمكانات مادية مهمة من أجل إيجاد سريع لحلول فعالة.
إن ثاني أكسيد الكربون، أحد الشوائب المتواجدة بالغلاف الجوي، هو من أهم الغازات المتسببة في ظاهرة الانحباس الحراري [7]، عكس المكونات الأساسية لهذا الغلاف: النتروجين (الأزوت) والأكسجين، التي ليس لها أي دور يستحق الذكر في هذه الظاهرة. هذا يعني أن مستوى الظاهرة تابع بنسبة مهمة لتغيرات درجة تركز غاز ثاني أكسيد الكاربون بالغلاف الجوي (في حالة ثبات تركز الغازات الأخرى التي لها نفس الخاصية). وقد ارتفع تركيز هذا الغاز بالغلاف الجوي بأكثر من 25 % منذ بداية الاستغلال المكثف للفحم الحجري منتصف القرن التاسع عشر(الرسم البياني 15).
الرسم 15: التطور الحديث لتركز غاز ثاني أكسيد الكاربون بالغلاف الجوي
إلا أن حوالي 33 % من هذه الزيادة تطلب تحقيقه أكثر من قرن، من بداية الاستهلاك المكثف للفحم حتى سنة 1960. أما الثلثين الآخرين فقد تحققا بعد سنة 1960،أي خلال ثلث قرن تقريبا. وهذا يعني تسارعا خطيرا، فمتوسط سرعة التراكم خلال الفترة الأخيرة تعادل تقريبا 6 أضعاف متوسط سرعة التراكم خلال الفترة الأولى.
إن غاز ثاني أكسيد الكربون جزء من دورة الحياة، لا استمرار لها بدونه. ونعتقد أنه لهذا السبب لم يعر أحد اهتماما لتراكمه بالغلاف الجوي، باعتبار أن هذا التراكم يجب أن يكون مفيدا، لأنه سيساهم في الإسراع بعملية التمثيل الضوئي، أي تحسين الإنتاج النباتي وبالتالي الحيواني أيضا، أي بالنسبة للإنسان تحقيق وفر غدائي أفضل.
تأثيرا آخر تبين مع مرور الزمن أن له أهمية قصوى بالنسبة لتطور الحياة. هذا التأثير هو مساهم ة غاز ثاني أكسيد الكربون، كأحد الغازات الدفيئة (الرسم 16) في تحديد مستوى ظاهرة الانحباس الحراري.
الرسم 16: مساهمة الغازات الدفيئة في ظاهرة الانحباس الحراري
إن الحياة النباتية والحيوانية تطورت خلال المليون سنة الأخيرة، في ظل نوع من الاستقرار في متوسط درجة حرارة سطح الأرض (سرعة التغير خلال هذه الحقبة كانت تسمح دائما (تقريبا دائما) بتحقيق تلاءم الأجسام الحية مع هذا التغيير. وكلما زادت هذه السرعة بشكل مفاجئ عن حد أعلى، كانت هناك كوارث وانقرضت أنواع من المخلوقات (و من النظريات من يرجع انقراض الديناصورات الذي حدث قبل أزيد من 50 مليون سنة إلى تطور من هذا القبيل)). وأي تغير في ظاهرة الانحباس الحراري ينتج عنه تغير مواز في متوسط درجة الحرارة هذا.
وارتفاع ظاهرة الانحباس الحراري ينتج عنه بالضرورة ارتفاع في متوسط درجة الحرارة (الرسم البياني17). وحسب تقرير معهد الأرصاد الجوية للولايات المتحدة وكما يتبين من هذا الرسم فإن المتوسط المذكور قد ارتفع خلال القرن العشرين بحوالي 0,6 درجة مئوية ومنذ بداية الستينات بِ 0,32 درجة مؤوية. وأغلب السيناريوهات تعطي ارتفاعا آخر، أكبر (درجة واحدة أو أكثر حتى منتصف القرن الواحد والعشرين) نتيجة لتسارع ارتفاع تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي.
الرسم 17: التطور الحديث لمتوسط درجة حرارة سطح الأرض
قد يعتبر البعض أن هذا الارتفاع في المتوسط السنوي لدرجة حرارة سطح الأرض ضعيف جدا، فتغير درجة الحرارة بين الليل والنهار وبين الفصول هو أكبر من ذلك بكثير. لكن المختصين في عدد من الميادين (علوم الحياة، المناخ) يؤكدون أن هذا التغير كاف لجعل جزء مهم من الجليد المتراكم بالمناطق القطبية ينصهر (الرسم 18) وجعل مياه البحار ترتفع (الرسم 19) بسبب التمدد الحراري بالإضافة إلى حجم الجليد المنصهر، بشكل سيهدد العديد من المناطق الساحلية بالعالم، التي هي في أغلبها آهلة بالسكان، مثلا بالبنكلاديش ودلتا النيل وفلوريدا.
الرسم 18: تراجع الامتداد الجليدي السنوي الأدنى بمنطقة القطب الشمالي
الرسم 19: تطور المتوسط السنوي لمستوى سطح البحر بأمستردام وبرست
ويؤكد العلماء أيضا أن الحدود بين المناطق الصحراوية وغير الصحراوية ستنتقل على حساب الأخيرة، بمسافة قد تصل إلى 450 كلم لكل ارتفاع من درجة واحدة. وهذه التأثيرات تطال أيضا التوزيع الزمني والجهوي وكذلك كثافة التهاطلات المطرية وبالتالي حجم المياه القابلة للتعبئة (الرسمين 20 و 21) ولا تهمل شدة وتعداد العواصف. وقد يكون التواتر الحديث للفيضانات وموجات الجفاف والحر واشتداد العواصف ليس فقط جزءا من التقلبات المناخية العادية وإنما مظهرا من مظاهر التطورات الناتجة عن ارتفاع ظاهرة الانحباس الحراري.
الرسم 20: تطور متوسط حجم المياه السطحية بالمغرب
الرسم 21: تطور مستوى فرشة المياه الجوفية بسهل فاس سايس
ويعمل الباحثون في مختلف بقاع العالم جاهدين للحصول على فهم أعمق لمختلف الترابطات والعلاقات بين هذه العوامل والظواهر من أجل تحديد أدق لمختلف التأثيرات النهائية التي سيكون على الإنسان التعامل معها والعيش تحت وقعها.
تأثير النفايات النووية على الكائنات الحية: تتميز النفايات النووية بكونها مشعة وأن جزءا غير يسير من إشعاعها قاتل. نقدم بالرسم 22 حجم الجرعة القاتلة بالنسبة لعدد من الكائنات الحية .
الرسم 22: جرعات الإشعاع النووي القاتلة حسب أنواع الكائنات
وإن لم يكن قاتلا فهو يتسبب ، في العديد من الحالات ، في عاهات وتشوهات وإعاقات غالبا ما تصعب، إن لم تستحيل معالجتها. تنتج هذه التشوهات والإعاقات عن تأثير الإشعاع النووي على مكونات الخلايا الحية . فالإشعاع النووي يمكن أن يكسر الروابط الكيماوية أو يهيج الجزيئات مما يتسبب في تفاعلات لا علاقة لها بالتفاعلات الطبيعية التي تجري في الأحوال العادية بالخلية .
يوضح الرسم 22 ، أ ن حجم الجرعة المؤثرة يختلف أولا حسب نوعية الكائنات وثانيا داخل كل نوع. فمن بين الحشرات، من تقضي نحبها عندما تمتص أجسامها طاقة نووية أو تتوصل بمواد مشعة تنتج طاقة تصل فقط 20 وحدة غْرَايْ (جول لكل كيلو غرام من الجسم المعرض للإشعاع النووي Gray = J/kg ). كما نجد حشرات لا تقضي نحبها إلا عندما تصل الجرعة إلى حوالي 3000 غْرَايْ أي 150 ضعفا للجرعة السابقة الذكر. و كما يتضح من معطيات الرسم، فإن تأثر الثدييات يبدأ عند جرعة لا تزيد عن 2 غْراي، أما الفيروسات فتتحمل جرعة تصل 100 ضعفا للجرعة المؤثرة على الثدييات.
حجم ومدة فعالية النفايات النووية: من المؤكد أن كمية النفايات المشعة المترتبة عن الانشطار النووي للمصدر الطاقي بمحطات إنتاج الكهرباء محدودة بالمقارنة مع كمية النفايات المنبعثة من المحطات الحرارية التي تعمل بالمصادر الطاقية الأحفورية. فالنفايات النووية تصل فقط حوالي 3 ميليغرام لكل كيلو واط ساعة ( 3 mg/kWh ) مقابل حوالي 700 غرام ثاني أكسيد الكربون لكل كيلو واط ساعة كمتوسط لمجموع المحطات الحرارية التي تعمل بالفحم أو الفيول أو الغاز. لكن كما رأينا سابقا فإن كمية صغيرة جدا من الإشعاع النووي وحتى إن لم تكن قاتلة فإنها تتسبب في عاهات وتشوهات لا علاج لها. ولا تقتصر خصائص هذه النفايات على الفعالية الكبيرة جدا للإشعاع، بل تشمل أيضا استمرارية هذه الفعالية، ليس فقط لقرون بل لآلاف السنين. ولا يخمد هذا الإشعاع أو يصل إلى مستوى يعادل الإشعاع الطبيعي بالنسبة لعدد من منابعه إلا بعد آلاف السنين. يقدم الرسم 23 تطور النشاط النووي للنفايات الناتجة عن استعمال طن من الوقود النووي وقد استعملت كوحدة للأراتيب مليار بِيكرِيل ( Giga Becquerel )، والبيكريل هو وحدة النشاط النووي، ويمثل تفاعلا نوويا بالثانية، بقطع النظر عن طبيعة التفاعل، هل هو انقسام للنواة إلى أجزاء أو انبعاث للأشعة فقط.
الرسم 23: تطور إشعاع نفايات الناتجة عن استعمال طن من الأورانيوم بمحطة نووية
يتبين من الرسم 23 أن إشعاع النفايات يصل في الفترة الأولى عند إخراجها من المفاعل إلى أكثر من مليون ضعف إشعاع المادة الخام. من المؤكد أن شدة الإشعاع تتراجع مع الزمن لكنها حتى بعد قرن من الزمن تظل تمثل أزيد من عشرة آلاف إشعاع المادة الخام.
وحدات معالجة النفايات النووية: يكثر الحديث عن وحدات معالجة النفايات النووية وتتقوى لدى العديد من غير المتخصصين في الميدان، القناعة بأن هذه الوحدات تمكن من التخلص نهائيا من النفايات النووية، وهذا ناتج عن الاقتصار عند مقارنتها بوحدات معالجة النفايات المنزلية والصناعية على التسمية واعتبار أن نفس التسمية تؤدي إلى نفس النتائج. فوحدات معالجة النفايات المنزلية والصناعية تمكن في النهاية من التخلص من النفايات وفي كثير من الأحيان مع تحقيق فائدة اقتصادية بالإضافة إلى الفائدة البيئية. أما وحدات معالجة النفايات النووية، فرغم نفس التسمية إلا أنها تقوم فقط بفرز مكونات هذه النفايات وفصلها عن بعضها وتقسيمها إلى مجموعات حسب خطورتها. وفي خطوات تالية يقع تعليـب النفايات المتوسطة الخطورة والخطيرة في قوالب من الإسمنت أو الصلب. أما النفايات العالية الخطورة فيقع صهرها مختلطة مع مواد زجاجية للحد أكثر ما يمكن من إمكانية تفاعلها الكيماوي مع المحيط البيئي والانـتـشار به. توضع هذه النفايات بعد ذلك في مستودعات انتقالية في انتظار تحديد مواقع تتميز بقدر كبير من الاستقرار الجيولوجي لاستعمالها كمخازن نهائية. ولقد تبين أن الحاويات المصنوعة من الصلب المملوءة بهذه النفايات والتي وقع إغراقها بالمحيط، لم تقاوم التأثير الكيماوي لمياه المحيط والفيزيائي لتياراته وبدأت تتحلل وتسمح بنفاد المواد المشعة إلى مياه المحيط.
انتشار النفايات النووية بالمحيط الطبيعي، كما هو الحال بالنسبة لثاني أكسيد الكربون، تنتج عنه أخطار، قد لا تمثل أمامها مآسي التفجيرات النووية بهيروشيما وناجازاكي وكارثة تشرنوبيل وغيرها إلا صورا مصغرة وباهتة. فما يمكن أن يتسبب فيه انتشار المتراكم من هذه النفايات من أهوال على المستوى العالمي، قد يكون القضاء التام على كل مظاهر الحياة.
رؤية عامة
إذا نظرنا إلى مسار تطور المجتمع الإنساني في علاقته بالطاقة غير الغذائية عبر العصور، فإننا نجد أن هذا المسار يمكن تقسيمه إلى ثلاثة مراحل وتشبيهه بمسرحية من فصلين والاستراحة التي تفصل بينهما:
الفصل الأول : اقترنت بداية هذا الفصل ببداية تعامل الإنسان مع النار. وقد تحقق ذلك منذ حوالي نصف مليون سنة. واستمرت أحداث هذا الفصل حتى بداية التعامل المكثف مع المصادر الاحفورية حوالي منتصف القرن التاسع عشر. لقد تطورت علاقة الإنسان مع الطاقة غير الغذائية بشكل كبير خلال هذا الفصل. فمن خائف متجنب غير قادر حتى على إيقاد النار في بدايته، أصبح الإنسان عند نهاية هذا الفصل قادرا ليس فقط على إيقاد النار وإنما على الاستفادة من الحرارة الناتجة في تحقيق العديد من مآربه. وارتفع حجم استهلاكه من الكتلة العضوية القابلة للاحتراق، كما تعرف الإنسان وانطلق في استعمال أشكال طاقية أخرى كطاقة الرياح وطاقة مساقط المياه.
اتسع بذلك صحن المصادر الطاقية المستعملة وشمل إلى جانب الكتلة العضوية الطاقتين الريحية والمائية، لكنه ضل صحنا طاقيا متجدد المحتوى، لا يتضمن إلا الطاقة الشمسية ومشتقاتها السريعة التكون، لهذا نسمي مجموع التطور الذي حققته الإنسانية خلال هذا الفصل من المسرحية الذي استمر مئات الآلاف من السنين بالحضارة الشمسية الأولى (الجزء الأيسر من الرسم 24).
مع اقتراب نهاية هذا الفصل تمكن الإنسان من تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية، وكانت بمثابة شرارة انطلاق الثورة الصناعية.
الرسم 24: تطور، واقع وآفاق مساهمة المصادر الطاقية في تغطية الطلب العالمي
الاستراحة : بعد الفصل الأول من المسرحية تأتي الاستراحة وبها نتواجد حاليا. خلال الفترة الأولى من هذه الاستراحة، والتي ابتدأت مع انطلاقة الاستهلاك المكثف للفحم الحجري، كأول ممثل للمصادر الأحفورية، حوالي منتصف القرن التاسع عشر، ارتفع استهلاك هذا المصدر الطاقي الأحفوري بشكل سريع. ثم تعزز دور المصادر الأحفورية مع انطلاقة الاستعمال المكثف للبترول بداية القرن العشرين. وتركز هذا الدور بعد ذلك عندما التحق الغاز هو الآخر برفيقيه الفحم والبترول بمجال الاستهلاك المكثف بعد الحرب العالمية الأولى.
خلال هذه الاستراحة اكتشف الإنسان إمكانية تحويل الطاقة النووية إلى حرارية وطور تقنيات إنتاج الكهرباء بالاعتماد على هذا المصدر الطاقي. وقد انطلق الاستهلاك المكثف لهذا المصدر الطاقي بداية السبعينيات من القرن العشرين.
خلال هذه الاستراحة طور الإنسان تقنيات تحويل أشكال طاقية مختلفة بشكل مباشر وغير مباشر إلى طاقة كهربائية. هكذا أصبح هذا الحامل الطاقي، الذي لم يكن له تقريبا أي دور بداية القرن العشرين، يمثل نهاية نفس القرن أهم حامل طاقي على المستوى العالمي. هذا الحامل الطاقي المتميز مكن من تعبئة العدد من المصادر لم تكن من الممكن أو تصعب جدا تعبئتها لأسباب مختلفة: كالموقع وقابلية النقل وخصائص تفاعلات التحويل.
خلال العقود الأخيرة تعمق فهم الإنسان لخصائص المصادر الطاقية المستهلكة وتقوى تمكنه من تقنيات تحويلها وتوسع في نفس الوقت الوعي بعدد من السلبيات، إما الناتجة عن التكوين العنصري ونوع التفاعل الذي يخضع له المصدر أو عن خصائص التقنيات المستعملة. وتبلور هذا الفهم وهذا الوعي في تحرك لا زال لم يشمل كل العالم، لكنه قوي ومتسارع، يهدف إلى تغيير المسار الطاقي الحالي. ظهرت بوادره في الثمانينيات من القرن الماضي عندما تمكنت العديد من الدول الصناعية من تخفيض انبعاثات عدد من الغازات السامة والمتسببة في الأمطار الحمضية وفي اتساع ثقب الأوزون (الرسوم من 25 إلى 27).
الرسم 25: التطور الحديث لانبعاث أول أكسيد الكربون بألمانيا
الرسم 26: تراجع تركز ثاني أكسيد الكبريت بالغلاف الجوي بمنطقة أوزاكا باليابان
الرسم 27: التطور الحديث لانبعاث أكسيد الأزوت بألمانيا
كذلك ظهرت، خلال الثمانينيات من القرن العشرين، البوادر الأولى للتحرك من أجل التخفيض من انبعاث المؤثر الأساسي في ارتفاع ظاهرة الانحباس الحراري، غاز ثاني أكسيد الكربون. إن كان هذا التحرك لم يؤدي بعد إلى تراجع في انبعاث هذا الغاز على المستوى العالمي، فإن نتائج إيجابية قد تحققت بعدد من الدول:
- أولا في مجال توسيع وتكثيف المساحات الغابوية وهو ما يعبر عنه بالتغير في واقع الغطاء النباتي، ويعني أن امتصاص ثاني أكسيد الكربون بالغابات أصبح أكبر من انبعاثه الناتج عن الاستعمال الطاقي للمنتجات الغابوية (الرسم 28)، وإن كان هذا التوجه في بدايته لا يهدف أساسا إلى التخفيض من تركز ثاني أكسيد الكربون وإنما إلى الحفاظ على الغابة، لما لذلك من إيجابيات عدة..
الرسم 28: تطور انبعاث CO 2 الناتج عن تغير واقع الغطاء النباتي بعدد من مناطق العالم
- وثانيا في مجال استعمال الطاقات المتجددة بمختلف أشكالها حيث يمكن أن ينعدم عند استعمالها انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون. نقدم بالرسمين 29 و 30 والصور بالرسوم من 31 إلى 33 أمثلة للتطور الحديث لاستعمال عضوين أساسيين في أسرة الطاقات المتجددة في إنتاج الكهرباء: الطاقة الريحية والطاقة الشمسية.
الرسم 29: التغير السنوي للقدرة الريحية والنووية المنشأة على المستوى العالمي
الرسم 30: تطور حجم إنتاج وأثمان بيع الألواح الكهروضوئية
فالقدرة الريحية المنشأة سنويا قد تضاعفت منذ بدية التسعينيات من القرن الماضي حوالي 32 مرة وهو ما يمثل زيادة سنوية متوسطة من حوالي 31 % . وتضاعفت القدرة الكهروضوئية المنشأة سنويا خلال نفس الفترة حوالي 16 مرة وهو ما يمثل زيادة سنوية متوسطة من حوالي 25 % . هذه الزيادات السنوية لم تحققها لا المصادر الأحفورية ولا الطاقة النووية، بل أكثر من هذا فكما يظهر بالرسم 29 فإن القدرة الريحية المنشأة سنويا أصبحت في السنوات الأخيرة تفوق مثيلتها النووية. في نفس الوقت تراجعت كلفة إنشاء القدرة المتجددة (يقدم الرسم 30 تطور كلفة إنشاء قدرة كهروضوئية كمثال متميز لتطور كلفة تعبئة المصادر الطاقية المتجددة) وبالتالي كلفة إنتاج الكيلو واط ساعة باستعمال الطاقات المتجددة.
الرسم 31: محطة الكدية البيضاء قرب تطوان بالمغرب ومحطة بالجرف القاري الدنماركي
الرسم 32: محطة حرارية شمسية بقدرة 150 ميغا واط بصحراء كاليفورنيا
الرسم 33: محطة كهروضوئية بقدرة 5 ميغا واط بألمانيا ووحدات للكهربة القروية بالبادية المغربية
نظرا لضعف المنطلق بالنسبة للإنتاج الحديث للكهرباء باستعمال الطاقة الريحية والشمسية والجيوحرارية وغيرها من مصادر الطاقات المتجددة، فإن الزيادة في نسبة مساهمة مجمل الطاقات المتجددة (بما في ذلك الطاقة المائية وطاقة الكتلة الأحيائية) لا زالت لم تتغير كثيرا ولا زالت غير واضحة، لكننا نعتقد أن الإنسانية قد دخلت في المنعطف الطاقي وأنه خلال بضع سنوات يمكن أن يصبح المنعطف واضحا للعيان.
إننا مقتنعون بأن:
· التطور المنتظر لظاهرة الانحباس الحراري،
· والتأثيرات البيئية السلبية الأخرى الناتجة عن الاستعمالات الطاقية للمصادر الأحفورية والنووية،
· ورفض المجتمعات المدنية للطاقة النووية،
· واستعداد أعداد مهمة من أفراد شعوب الدول الصناعية لدفع ثمن أعلى من أجل الحصول على طاقة نظيفة،
· وتراجع كلفة تعبئة المصادر الطاقية المتجددة سيوسع من القاعدة الشعبية المستعدة لدفع ثمن أعلى من أجل الحصول على طاقة نظيفة، وهو ما سيرفع من حجم الطلب ويساهم بالتالي في خفض الكلفة أكثر،
· ودخول اتفاقية كيوطو حيز التطبيق أبتداءا من منتصف شهر فبراير 2005،
ستساهم في تسريع وتيرة تغيير المنظومة الطاقة والانتقال إلى عصر شمسي جديد.
إننا مقتنعون بضرورة الإسراع في التحول ودخول الفصل الثاني من المسرحية، لأن الاستراحة، إذا طالت أكثر من اللازم، فإنها ستجعل العديد من المشاهدين يضجرون ويغادرون المسرح. نتيجة لتصرف الإنسان خلال الجزء الأول من هذه الاستراحة فقد اضطر عدد من المخلوقات إلى مغادرة مسرح الحياة. وإن لم يسرع الإنسان بالعودة إلى منظومة طاقية تحترم التوازنات الطبيعية بشكل أفضل، فإن عددا آخرا، وفي الغالب أكبر من السابق، من المخلوقات سينقرض، وقد يصبح حجم الانقراض مخلا بتوازن هرم الحياة أي خطرا على الإنسان نفسه.
الفصل الثاني : لقد انطلق التحضير للفصل الثاني، لكن بدون دور فاعل وفعال للدول النامية. لقد كانت الحضارة الشمسية الأولى مقتصرة على عدد من مناطق الحزام الشمسي للأرض ولم يستفد منها لا كل أفراد شعوب هذه المناطق ولا أغلبهم ولا حتى نسبة يمكن أن يقال عنها أنها مهمة. فبقطع النظر عن الحكام والكهنة وعدد من الأغنياء، مَثَّلَ الكادحون والعبيد الأغلبية التي كان عليها أن تشقى من أجل رغد المحضوضين. إن الحضارة الشمسية الثانية لن تكون غير ذلك بالتمني. إن قطار الحضارة الشمسية الثانية قد انطلق، لكن سرعته لا زالت ضعيفة ولا زالت أبواب عرباته مفتوحة ولازال بالإمكان ركوبه. لكن لا يمكن أن نلحق به إن كنا نسير في الاتجاه المعاكس.
الرصيد العالمي من الطاقات المتجددة القابلة للتعبئة وحجم الطلب المتزايد : قد يوضع السؤال: من المؤكد أن كلفة إنتاج الكهرباء باستعمال التقنيات الحديثة لتحويل مصادر الطاقات المتجددة ستنخفض وستصبح عاجلا أو آجلا قادرة على منافسة كلفة إنتاج الكهرباء الذي يعتمد المصادر الأحفورية والنووية، لكن هل يمكن تغطية الطلب العالمي المتزايد بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وما هي النتائج التي يمكن أن يحصل عليها المغرب؟
كما قدمنا في بداية هذا النص فإن حاجيات الإنسان من حوامل الطاقة يمكن تقسيمها إلى قسمين:
· حوامل قابلة للهضم وهي المواد الغذائية،
· وحوامل غير قابلة للهضم وهي التي يعنيها السؤال.
إن إنتاج المواد الغذائية هي عملية تحويل للطاقة الشمسية إلى طاقة كيماوية بحوامل عضوية قابلة للهضم. وعملية التركيب الضوئي، أساس هذا التحويل، مردودها الطاقي النهائي المتوسط (النباتات واللحوم) لا يصل إلى 0,5 % . ومع ذلك فالإنتاج العالمي كاف لتغذية كل البشر، وإن كانت هناك مجاعات فذلك ناتج عن عدم تطابق الطلب والقدرة الشرائية، وعدم استعداد أصحاب الفائض للتنازل عنه لصالح المعوزين. إن التقنيات الحرارية والكهروضوئية المتوفرة حاليا تسمح بتحول الطاقة الشمسية إلى كهرباء بمردود يفوق 20 مرة المردود النهائي المتوسط للتركيب الضوئي، وباعتبار أن المساحات الصالحة بامتياز لإنتاج الطاقة الكهربائية باستعمال الطاقة الشمسية شاسعة وغير مستغلة (الصحاري) فإننا مقتنعون أن إشكالية حجم الإنتاج غير موضوعة.
لتوضيح ذلك بشكل أفضل نقدم تصورا بالأرقام لحقل ريحي مساحته 10000 كيلو متر مربع يقع بين مدينتي بوجدور والداخلة بالجنوب المغربي (منطقة الرياح المدارية). ولنعتبر:
· أن القدرة التي يمكن إنشاءها هي 8 ميغا واط بالكيلومتر المربع، ينتج عن هذا أن القدرة الممكن إنشاءها ب 10000 كيلو متر مربع هي 80 جيغا واط،
· اعتمادا على خصائص المكمن الريحي بالمنطقة، فإن نسبة الإنتاج إلى القدرة المنشأة تصل إلى 4500 ساعة بالسنة، هكذا يمكن للقدرة المنشأة أن تنتج حوالي 360 ألف جيغا واط ساعة بالسنة، وهو ما يمثل أزيد من 20 ضعفا من الاستهلاك المغربي لسنة 2003، وأزيد من 70 % الاستهلاك الألماني لنفس السنة.
هنا يجب التذكير بأن 10000 كيلو متر