- اندلعت ثورة التحرير الجزائرية في 1 نوفمبر 1954 ضد الاستعمار الفرنسي الذي احتل البلاد منذ سنة 1830 ودامت طيلة 7 سنوات ونصف من الكفاح المسلح والعمل السياسي وانتهت باعلان استقلال الجزائر يوم 5 جويلية 1962 بعد أن استشهد فيها أكثر من مليون ونصف مليون جزائري مسطرة واحدة من اعظم ما شهد التاريخ من ثورات.
- دارت الحرب بين الجيش الفرنسي والمجاهدين الثوار الجزائريين الذين استخدموا حرب عصابات الوسيلة الأكثر ملاءمة لمحاربة قوة جرارة مجهزة أكبر تجهيز خصوصا وأن المجاهدين الجزائريين لم يكونوا يتوفرون على تسليح معادل، استخدم المجاهدون الجزائريون الحرب البسيكولوجية بصفة متكاملة مع العمليات العسكرية.
- كان الجيش الفرنسي يتكون من قوات الكوموندوس والمضليين والمرتزقة المتعددة الجنسيات، قوات حفظ الأمن، قوات الاحتياط والقوات الإضافية من السكان الأصليين الخونة أو ما اطلق عليهم (الحركة)
- حضت قوات جيش التحرير الوطني الفرع العسكري لجبهة التحرير الوطني على تأييد تام من طرف الشعب الجزائري والجالية الجزائرية في المهجر وخاصة في فرنسا.
- انتهت الحرب بإعلان استقلال الجزائر في 5 جويلية 1962 نفس التاريخ الذي أعلن فيه احتلال الجزائر في 1830 أعلن عنه الجنرال ديغول في التلفزيون للشعب الفرنسي. جاء نتيجة استفتاء تقرير المصير للفاتح جويلية المنصوص علية في اتفاقيات ايفيان 18مارس 1962 وإعلان ميلاد الجمهورية الجزائرية في 25 من سبتمبر ومغادرة مليون من الفرنسيين المعمرين بالجزائر منذ 1830.
مقدمة تاريخية
بدأت المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال مع نزول أرض الجزائر، وكان أقوى حركاتها حركة الجهاد التي أعلنها الأمير عبد القادر الجزائري في [1848هـ=1832م]، واستمرت خمسة عشر عامًا، استخدم فيها الماريشال الفرنسي "بيجو"، وقواته التي وصل عددها (120) ألف جندي، حرب إبادة ضد الجزائريين، والحيوانات، والمزارع، فوقع الذعر في قلوب الناس، واضطر الأمير عبد القادر إلى الاستسلام في [161هـ=1847م]. لم تهدأ مقاومة الجزائريين بعد عبد القادر، فما تنطفئ ثورة حتى تشتعل أخرى، غير أنها كانت ثورات قبلية أو في جهة معينة، ولم تكن ثورة شاملة؛ لذا كانت فرنسا تقضي عليها، وضعفت المقاومة الجزائرية بعد ثورة أحمد بومرزاق سنة [1288هـ=1872م]، وقلت الثورات بسبب وحشية الفرنسيين، واتباعهم سياسة الإبادة التامة لتصفية المقاومة، وفقدان الشعب لقياداته التي استشهدت أو نفيت إلى الخارج، وسياسة الإفقار والإذلال التي اتبعت مع بقية الشعب.
السياسة الفرنسية في الجزائر
لقد أحدث المشروع الاستعماري الفرنسي في الجزائر جروحًا عميقة في بناء المجتمع الجزائري، حيث عملت فرنسا على إيقاف النمو الحضاري والمجتمعي للجزائر مائة واثنتين وثلاثين سنة، وحاولت طمس هوية الجزائريين الوطنية، وتصفية الأسس المادية والمعنوية التي يقوم عليها هذا المجتمع، بضرب وحدته القبلية والأسرية، واتباع سياسة تبشيرية تهدف إلى القضاء على دينه ومعتقده الإسلامي، وإحياء كنيسة أفريقيا الرومانية التي أخذت بمقولة "إن العرب لا يطيعون فرنسا إلا إذا أصبحوا فرنسيين، ولن يصبحوا فرنسيين إلا إذا أصبحوا مسيحيين". وكان التوجه الفرنسي يعتمد على معاداة العروبة والإسلام، فعملت على محو اللغة العربية، وطمس الثقافة العربية والإسلامية، وبدأ ذلك بإغلاق المدارس والمعاهد، ثم تدرج مع بداية القرن العشرين إلى منع تعلم اللغة العربية باعتبارها لغة أجنبية، وعدم السماح لأي شخص أن يمارس تعليمها إلا بعد الحصول على ترخيص خاص وفي حالات استثنائية، ومن ناحية أخرى عملت على نشر الثقافة واللغة الفرنسية، واشترطوا في كل ترقية اجتماعية ضرورة تعلم اللغة الفرنسية، كذلك عملوا على الفصل بين اللغة العربية والإسلام، والترويج لفكرة أن الجزائريين مسلمون فرنسيون.
واهتم الفرنسيون بالترويج للهجات المحلية واللسان العامي على حساب اللغة العربية، فشجعوا اللهجةالجزائرية، واتبعوا كل سبيل لمحاربة اللسان العربي، واعتبروا اللغة العربية الفصحى في الجزائر لغة ميتة. وقد سعى الفرنسيون إلى ضرب الوحدة الوطنية الجزائرية بين العرب والبربر، فأوجدوا تفسيرات مغرضة وأحكاما متحيزة لأحداث التاريخ الجزائري، ومنها أن البربر كان من الممكن أن يكون لهم مصير أوروبي لولا الإسلام، واعتبروا العنصر البربري من أصل أوروبي، وحكموا عليه بأنه معاد بطبعه للعرب، وسعوا لإثبات ذلك من خلال أبحاث ودراسات تدعي العلمية، وخلصوا من هذه الأبحاث الاستعمارية في حقيقتها إلى ضرورة المحافظة على خصوصية ولغة منطقة القبائل البربرية بعيدًا عن التطور العام في الجزائر. واتبع الفرنسيون سياسة تبشيرية لتنصير المسلمين خاصة في منطقة القبائل، فتعرض رجال الإصلاح وشيوخ الزوايا للتضييق والمراقبة والنفي والقمع، وفتحت كثير من المدارس التبشيرية وبنيت الكنائس ووجه نشاطها للأعمال الخيرية والخدمات الاجتماعية لربطها بواقع السكان هناك، وقام الرهبان والقساوسة بالتدريس في الكثير من المدارس. وحسب الإحصائيات الفرنسية بالجزائر فإن منطقة القبائل كان بها مدرسة لكل (2100) طفل، في حين كانت هناك مدرسة لكل أربعين ألف طفل في بعض المناطق الأخرى بالجزائر. وسعى الفرنسيون إلى عزل بعض المناطق بالجزائر والحيلولة دون اتصالها أو تفاعلها مع باقي المناطق الأخرى، وكان تركيزهم على منطقة القبائل، ورعوا نزعاتها الإقليمية التي تتنافى مع وحدة الشعب الجزائري، وذلك بالاهتمام بالأعراف والتقاليد واللهجات والفولكلور على حساب الثقافة العربية الإسلامية، وصدرت تعليمات واضحة لموظفي الإدارة الاستعمارية الجزائرية تتلخص في ضرورة حماية القبائل وتفضيلهم في كل الظروف على العرب، ولولا المواقف الشجاعة والتضحيات التي قدمها أبناء القبائل لأمكن للمخطط الاستعماري تدمير البنية الاجتماعية للشعب الجزائري في تلك المناطق.
موقف الشعب الجزائري
تجاوب الشعب الجزائري مع السياسة الفرنسية في جميع الجهات بدون استثناء، لا سيما في المناطق التي عرفت ضغطًا فرنسيًا مكثفًا لتحويل اتجاهها الوطني، فلم يكن للإعانات ولا المساعدات التي تقدمها الإرساليات التبشيرية ولا للتعليم الذي وفرته المدرسة الفرنسية، ولا للمستوطنين الفرنسيين، ولا للمهاجرين الجزائريين الذين تنقلهم السلطات للعمل في فرنسا ـ أثر في فرنسة الشعب الجزائري، وهو ما دفع مخططي السياسة الفرنسية إلى اتهام الجزائريين بأنهم شعب يعيش على هامش التاريخ. وحارب الشعب سياسة التفرقة الطائفية برفع شعار "الإسلام ديننا، والعربية لغتنا والجزائر وطننا" الذي أعلنه العالِم والمجاهد الجليل عبد الحميد بن باديس، ورأى المصلحون من أبناء الجزائر في ظل فشل حركات المقاومة، أن العمل يجب أن يقوم –في البداية- على التربية الإسلامية لتكوين قاعدة صلبة يمكن أن يقوم عليها الجهاد في المستقبل، مع عدم إهمال الصراع السياسي فتم تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عام [1350هـ=1931م] بزعامة ابن باديس، التي افتتحت مدارس لتعليم ناشئة المسلمين، وهاجم ابن باديس الفرنسيين وظلمهم، وشنع على عملية التجنس بالفرنسية وعدها ذوبانًا للشخصية الجزائرية المسلمة، وطالب بتعليم اللغة العربية والدين الإسلامي، وأثمرت هذه الجهود عن تكوين نواة قوية من الشباب المسلم يمكن الاعتماد عليها في تربية جيل قادم. وعلى الصعيد السياسي بدأ الجزائريون المقاومة من خلال التنظيم السياسي الذي خاض هذا الميدان بأفكار متعددة، فمنهم من يرى أن الغاية هي المساواة بالفرنسيين، ومنهم الشيوعيون، والوطنيون المتعصبون، وظهرت عدة تنظيمات سياسية منها: حزب نجم شمال أفريقيا بزعامة مصالي الحاج الذي عرف بعد ذلك بحزب الشعب الجزائري، وتعرض زعيمه إلى الاعتقال والنفي مرات كثيرة.
مذابح 8 ماي [1364هـ=1945م]
اشتعلت الحرب العالمية الثانية ولم تمض شهور قليلة حتى انهارت فرنسا أمام ألمانيا، وبدا للشعوب المستعمرة أن قوة فرنسا لم تكن إلا عليهم فقط، وأن هيبتها لم تكن إلا في هذه القلوب المستضعفة، وأدى ذلك إلى تعاون كثير من المستوطنين الموجودين في الجزائر مع حكومة فيشي الموالية للألمان في فرنسا، وظهرت أصوات المستوطنين الفرنسيين تعلو بأن فرنسا ارتكبت أخطاء، وأن عليها أن تدفع الثمن وحدها، أما الجزائريون فذهب كثير منهم إلى الحرب للدفاع عن فرنسا، فدُمر الإنتاج في الجزائر وزادت صعوبات الحياة؛ لذلك تقدموا ببيان إلى السلطات الفرنسية يطالبون فيه بحق تقرير المصير، تقدم به فرحات عباس –زعيم حزب اتحاد الشعب الجزائري-، ورفضت فرنسا قبول البيان كأساس للمحادثات، فأحدث ذلك رد فعل عنيفا عند الجزائريين الذين أصروا على تمسكهم بالبيان والتزامهم به، ففرض الجنرال كاترو الحاكم العام في الجزائر الإقامة الجبرية على فرحات عباس وغيره من الزعماء الجزائريين. أسس فرحات عباس حركة أحباب البيان والحرية في [ربيع أول 1363هـ=مارس 1944] وكان يدعو إلى قيام جمهورية جزائرية مستقلة ذاتيًا ومتحدة مع فرنسا، وهو ما سبب خلافًا بينه وبين مصالي الحاج الذي نصحه بقوله: "إن فرنسا لن تعطيك شيءًا، وهي لن ترضخ إلا للقوة، ولن تعطي إلا ما نستطيع انتزاعه منها". ولم يمض وقت طويل حتى استغلت فرنسا قيام بعض المظاهرات في 8 ماي 1945 في عدد من المدن الجزائرية وإحراقها للعلم الفرنسي حتى ارتكبت مذبحة رهيبة سقط فيها (45) ألف شهيد جزائري، وكان ذلك تحولاً في كفاح الجزائريين من أجل الحرية والاستقلال، إذ أدركوا أنه لا سبيل لتحقيق أهدافهم سوى العمل المسلح والثورة الشاملة، فانصرف الجهد إلى جمع الأسلحة وإعداد الخلايا السرية الثورية بتوجيه وتمويل ودعم عربي حتى يحين الوقت المناسب لتفجير الصراع المسلح.
[عدل]اندلاع الحرب
لقد تم وضع اللمسات الأخيرة للتحضير لاندلاع الثورة التحريرية في 23 مارس 1954 بميلاد اللجنة الثورية للوحدة والعمل واصدارها مجلة " الوطني" وفي 17 جوان 1954 عقدت لجنة الاثني والعشرين (22) اجتماعا بمنزل الياس دريش بحي المدنية في مدينة الجزائر اين تقرر خلاله تفجير الثورة التحريرية. في 23 أكتوبر 1954 لجنة الستة (06) تعقد اجتماع في حي رايس حميدو بالجزائر لتوسيع مهام وتحديد المهام وفي 01 نوفمبر 1954 تقرر اندلاع الثورة التحريرية بنداء 01 نوفمبر 1954 حيث دعى النداء إلى استقلال الجزائر واسترجاع السيادة الوطنية وإنشاء دولة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية. وتم إنشاءجبهة التحرير الوطني وجناحها العسكري المتمثل في جيش التحرير الوطني. وتهدف المهمة الأولى للجبهة في الاتصال بجميع التيارات السياسية المكونة للحركة الوطنية قصد حثها على الالتحاق بمسيرة الثورة، وتجنيد الجماهير للمعركة الحاسمة ضد المستعمر الفرنسي تحديد تاريخ اندلاع الثورة التحريرية : كان اختيار ليلة الأحد إلى الاثنين أول نوفمبر 1954كتاريخ انطلاق العمل المسلح يخضع لمعطيات تكتيكية - عسكرية، منها وجود عدد كبير من جنود وضباط جيش الاحتلال في عطلة نهاية الأسبوع يليها انشغالهم بالاحتفال بعيد مسيحي، وضرورة إدخال عامل المباغتة. تحديد خريطة المناطق وتعيين قادتها بشكل نهائي، ووضع آخر اللمسات لخريطة المخطط الهجومي في ليلة أول نوفمبر. كل هذا بعد أن عرف الشعب الجزائري ان المستعمر الفرنسي لا يهمه المقاومة السياسية بل استعمال القوة وأن تحرير الجزائر ليس بالامر المستحيل.
[عدل]خريطة أهم عمليات أول نوفمبر 1954
المنطقة الأولى- الأوراس :مصطفى بن بولعيد
المنطقة الثانية- الشمال القسنطيني: ديدوش مراد
المنطقة الثالثة- القبائل: كريم بلقاسم
المنطقة الرابعة- الوسط: رابح بيطاط
المنطقة الخامسة- الغرب الوهراني: العربي بن مهيدي
تحديد كلمة السر لليلة أول نوفمبر 1954 : خالد وعقبة
القادة الستة لحزب جبهة التحرير الوطني عام 1954
[عدل]الاندلاع
كانت بداية الثورة بمشاركة 1200مجاهد على المستوى الوطني بحوزتهم 400 قطعة سلاح وبضعة قنابل تقليدية فقط. وكانت الهجومات تستهدف مراكز الدرك والثكنات العسكرية ومخازن الأسلحة ومصالح إستراتيجية أخرى، بالإضافة إلى الممتلكات التي استحوذ عليها الكولون..شملت هجومات المجاهدين عدة مناطق من الوطن، وقد استهدفت عدة مدن وقرى عبر المناطق الخمس : باتنة، أريس، خنشلة وبسكرة في المنطقة الأولى، قسنطينة وسمندو بالمنطقة الثانية، العزازقة وتيغزيرت وبرج منايل وذراع الميزان بالمنطقة الثالثة. أما في المنطقة الرابعة فقد مست كلا من الجزائر وبوفاريك والبليدة، بينما كانت سيدي علي وزهانة ووهران على موعد مع اندلاع الثورة في المنطقة الخامسة (خريطة التقسيم السياسي والعسكري للثورة 1954 -1956).وباعتراف السلطات الاستعمارية، فإن حصيلة العمليات المسلحة ضد المصالح الفرنسية عبر كل مناطق الجزائر ليلة أول نوفمبر 1954، قد بلغت ثلاثين عملية خلفت مقتل 10 أوروبيين وعملاء وجرح 23 منهم وخسائر مادية تقدر بالمئات من الملايين من الفرنكات الفرنسية. أما الثورة فقد فقدت في مرحلتها الأولى خيرة أبنائها الذين سقطوا في ميدان الشرف، من أمثال بن عبد المالك رمضان وقرين بلقاسم وباجي مختار وديدوش مراد وغيرهم، فكانوا ابطال الجزائر وأسيادها الذين حققوا الانتصار.
[عدل]الدعم المصري لثورة الجزائر
قامت مصر خلال الخمسينات والستينات بتبني قضية الجزائر وتدعيمها؛ حيث أكد كريستيان بينو (وزير خارجية فرنسا وقتئذ) أن التمرد في الجزائر لا تحركه سوى المساعدات المصرية، فإذا توقفت هذه المساعدات فإن الأمور كلها سوف تهدأ[1]؛ لوجود مليون مستوطن فرنسي في الجزائر، ولأن فرنسا اعتبرت الجزائر جزءًا لا يتجزأ من فرنسا[2]. مما ترتب عليه اشتراك فرنسا في العدوان الثلاثي على مصر. ولهذا أصدرت جبهة التحرير الوطني الجزائرية بيانًا قالت فيه:
لا ينسى أي جزائري أن مصر الشقيقة تعرّضت لعدوان شنيع كانت فيه ضحية تأييدها للشعب الجزائري المناضل. ولا ينسى أي جزائري أن انتصار الشعب المصري في معركة بورسعيد التاريخية ليس إلا انتصار لواجهة من واجهات القتال العديدة التي تجري في الجزائر منذ ثمانية وثلاثين شهرًا، وأن الشعب الجزائري المنهمك في معركته التحريرية الكبرى ليبعث إلى الشعب المصري الشقيق وبطله الخالد جمال عبد الناصر بأصدق عواطف الأخوة والتضامن، وعاشت العروبة حرة خالدة، وعاش العرب تحت راية الاستقلال والعزة والمجد[3].
وقال العقيد سي الحواس قائد الولاية السادسة أثناء حرب التحرير الجزائرية:
لو عندنا طائرات لطرنا.. لو عندنا عصافير لطرنا.. لو عندنا بواخر لذهبنا.. إذا انتصرت مصر انتصرت الثورة الجزائرية.. وإذا انهزمت مصر انهزمت الثورة الجزائرية[4].
[عدل]الدعم العسكري
دعمت مصر ثورة الجزائر بالسلاح والخبراء[5]، فكانت مصر الداعم الأول والأهم لها[6]. الأمر الذي دفع بن جوريون (أول رئيس وزراء لإسرائيل) إلى قول:
على أصدقائنا المخلصين في باريس أن يقدّروا أن «عبد الناصر» الذي يهددنا في النقب، وفي عمق إسرائيل، هو نفسه العدو الذي يواجههم في الجزائر[7].
ويؤكد محمد حسنين هيكل أنه تلقت الثورة الجزائرية أكبر شحنة من السلاح المصري أثناء اندلاع القتال على الجبهة المصرية - إبّان العدوان الثلاثي عليها - ضدّ فرنسا وإنجلترا وإسرائيل[8].
كانت أول شحنة سلاح وصلت الجزائر مقدمة من مصر وقدرت بحوالي 8000 جنيه[9][10].
أهم التدريبات العسكرية الفعالة لجيش التحرير الوطني خارج الجزائر كانت تتم بمصر[11].
[عدل]دعم سياسي
كانت القاهرة مقر الحكومة الجزائرية المؤقتة التي تأسست في 19 سبتمبر 1958، فكانت أهم مجالات التنسيق الدبلوماسي الجزائري تتم عن طريق مصر، وانطلقت من القاهرة معظم النشاطات السياسية والدبلوماسية لجبهة التحرير الوطني والحكومة الجزائرية المؤقتة[12].
كانت القاهرة مقرًا للجنة تحرير المغرب العربي المكونة من ليبيا، وتونس، والمغرب، والجزائر[13].
قامت مصر بتمثيل الجزائر في مؤتمر باندونج الذي عقد في مايو 1955. كما كان لها دورًا فعال في تمكين الجزائريين من لعب دورًا مؤثرًا في منظمة تضامن الشعوب الأفرو - آسيوية منذ نشأتها بالقاهرة في ديسمبر 1957[14].
يقول الكاتب الجزائري إسماعيل دبش في كتابه «السياسة العربية والمواقف الدولية تجاه الثورة الجزائرية»:
تأييد مصر للقضية الجزائرية ولكل مطالب جبهة التحرير الوطني كان مطلقًا، ومتشددًا، وبدون تحفظ، حتى لو تعلق الأمر بعلاقة مع دولة كبرى لها مصالح حيوية وإستراتيجية معها مثل الاتحاد السوفيتي. ذلك ما عبر عنه الرئيس عبد الناصر في تحذيره إلى خروتشوف الرئيس السوفياتي من الانسياق وراء محاولات دي غول بزيارة حاسي مسعود (منطقة آبار بترولية جزائرية كبرى بالصحراء)[15].
[عدل]دعم مالي
كانت أول صفقة سلاح من أوروبا الشرقية بتمويل مصري بلغ حوالي مليون دولار، كما قدمت مصر 75% من الأموال التي كانت تقدمها جامعة الدول العربية للثورة الجزائرية والمقدرة بـ 12 مليون جنيه سنويًا[16].
خصصت مصر - بقرار من جمال عبد الناصر - الدخول الأولى من تأميم قناة السويس (بلغت 3 مليارات فرنك فرنسي قديم) للكفاح الجزائري[17].
[عدل]دعم فني
وبجانب تقديم الدعم العسكري والسياسي، كان هناك دعم ثقافي وفني؛ فالنشيد الوطني الجزائري من تلحين الموسيقار المصري محمد فوزي، كما قام عبد الحليم حافظ بأداء أغنية بعنوان «الجزائر» تتحدث عن الثورة الجزائرية، وقام المخرج المصري يوسف شاهين بإخراج فيلم جميلة الذي يتحدث عن جميلة بوحيرد وعن الثورة الجزائرية.
[عدل]استقلال الجزائر
مقدمة : بناءا على ما تضمنته المادة 17 من الباب الثالث من نصوص اتفاقيات ايفيان والمتضمن إجراء استفتاء خلال فترة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر من تاريخ نشر النص على أن يحدد هذا التاريخ وفقا لاقتراح الهيئة التنفيذية بعد شهرين من تنصيبها.
التحضـيرات للاستفتـاء: في إطار صياغة جملة الضمانات والشروط المفصلة بتنظيم الأحكام العامة خلال المرحلة الانتقالية اعتبارا من يوم 19 مارس 1962 وبناءا على ذلك، واستنادا إلى ما تضمنه نص الجزء الثالث من مواد ضمانات تنظيم الاستفتاء على تقرير المصير والجزء الرابع من الاتفاقيات الذي ينص على تشكيل قوة محلية للأمن غايتها الإشراف على استفتاء تقرير المصير وقد جاءت المواد 19، 20 و21 لتحديد مواصفاتها والصلاحيات التي تضطلع بها، بقي جيش وجبهة التحرير الوطني يستعدان لإجراء الاستفتاء في جو من الحيطة والحذر إلى أن حل الفاتح من جويلية 1962. وقد اجتمعت لهذا الحدث التهيئة والتحضيرات العامة لتعبئة الشعب منها توزيع مناشير على المواطنين لتوعيتهم وحثهم على المشاركة بقوة في هذا الحدث بعد أن ضبطت الهيئة التنفيذية المؤقتة بمقرها في روشي نوار (بومرداس حاليا) موعد الاستفتاء بالفاتح جويلية 1962، حيث استجاب المواطنون بنسبة كبيرة جدا لهذا الحدث الهام، وتضمنت استمارة الاستفتاء الإجابة بنعم أو لا على السؤال التالي : هل تريد أن تصبح الجزائر دولة مستقلة متعاونة مع فرنسا حسب الشروط المقررة في تصريحات 19 مارس 1962.
نتائج الاستفتاء: في 2 جويلية شرع في عملية فرز الأصوات، كانت حصيلة النتائج لفائدة الاستقلال بأغلبية مثلما أكدته اللجنة المكلفة بمراقبة سير الاستفتاء صباح يوم 3 جويلية 1962، فمن مجموع المسجلين المقدرين بـ 6.549.736 موزعين على 15 مقاطعة عبّر 5.992.115 بأصواتهم منهم 5.975.581 أدلى بنعم، و 16.534 بـ :لا.
الاعتراف بالاستقلال: بمقتضى المادة 24 من الباب السابع المتعلقة بنتائج تقرير المصير وطبقا للمادة 27 من لائحة تقرير المصير:
تعترف فرنسا فورا باستقلال الجزائر.
يتم نقل السلطات فورا.
تنظم الهيئة التنفيذية المؤقتة في خلال ثلاثة أسابيع انتخابات لتشكيل الجمعية الوطنية الجزائرية التي تتسلم السلطات.
وبناء على ذلك أعلنت نتائج الاستفتاء يوم السبت 3 جويلية 1962 وبعث الرئيس الفرنسي شارل ديغول إلى السيد عبد الرحمن فارس رئيس الهيئة التنفيذية المؤقتة للجمهورية الجزائرية رسالة تحمل الاعتراف باستقلال الجزائر. واعتبر يوم الاثنين 5 جويلية 1962 التاريخ الرسمي لاسترجاع السيادة الوطنية التي سلبت في ذات اليوم من سنة 1830.
منقول للإفادة