توبة آدم عليه السلام
ألقى إبليس بنظرة داخل الجنة وأطال النظر فيها وفي جمالها وفي سعادة آدم مع حواه وهما يتنعمان بجوار ربهما ، في هدية الرحمان لهما، وهي سكناهما وموطنهما وموطن ذريتهما ....فاستشاط غضبا وعض الأنامل حقدا وحسدا، وراح يفكر في سبيل لإخراجهما منها.
- سأقول لهما : {يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى}
- وأقول لهما: والله {إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ}..فأوغر صدريهما بهذه الأكاذيب وذاك القسم وزاد بقوله: { مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ.. }...
- ألا تريدان الملك والخلود في هذا النعيم...
فشد حواء وآدم هذا الخبر وملك مجامع قلبيهما وأخذت حواء تحث زوجها للذهاب للشجرة والأكل منها .... وإبليس يوشح عنهما ببصره يمسك بمجامع يديه وأسنانه تصطك مسرورا بصنيعه....ثم يلتفت لهما ويحثهم على الإسراع قبل فوات الأوان .
فلما أكلا من الشجرة صرخ إبليس فرحا...وفزع آدم وحواء من تساقط جميع زينة الجنة عنهما ... ولم يبقى من زينتها إلا التاج والإكليل على رأس آدم ... وجعلا لا يستتران بشيء من ورق الجنة إلا سقط عنها والتفت آدم عليه السلام إلى حواء باكيا وقال:
- هذا أول شؤم المعصية استعدي للخروج من جوار الله فتجيبه حزينة متأسفة:
- ما ظننت أن أحدا يحلف بالله كاذبا
وأسرع آدم عليه السلام فارا منكسا رأسه حياء ممن نهاه عن الأكل من الشجرة وأمر الله ملكين بنزع التاج والاكليل من على رأي آدم وأنزلوا جميعا إلى الأرض ،ومكث آدم عليه السلام سنين وهو ينتحب حزين منكسر كظيم من صنيعه.فأوحى الله إليه :
- ما هذا الجهد الذي أراك فيه اليوم وما هذه البلية التي أحلت بك . فقال آدم
- عظمت مصيبتي يا إلهي ، وأحاطت بي خطيئتي وخرجت من ملكوت ربي فأصبحت في دار الهوان بعد الكرامة ، وفي دار الشقاء بعد السعادة ، وفي دار الظعن والزوال بعد القرار والطمأنينة ، وفي دار الفناء بعد الخلد والبقاء ، وفي دار الغرور بعد الأمن ، إلهي ! فكيف لا أبكي على خطيئتي ؟ أم كيف لا تحزنني نفسي ، أم كيف لي أن أجتبر هذه البلية والمصيبة إلهي.
فقال الله تعالى : ألم أصًطفيك لنفسي ،وأحللك داري ، وأصطفيك على خلقي ، وخصصتك بكرامتي ، وألقيت عليك محبتي ، وحذرتك سخطي ، ألم أباشرك بيدي ، وأنفخ فيك من روحي وأسجد لك ملائكتي ؟ ألم تكن جاري في بحبوحة جنتي ،تتبوأ حيث تشاء من كرامتي ، فعصيت أمري ، وضيعت وصيتي ، فكيف تستنكر نقمتي ، فوعزتي وجلالي لو ملأت الأرض رجالا كلهم مثلك {يُسَبِحٌونَ الّليْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتَرُونَ}.. ثم عصوني لأنزلتهم منازل العاصين ! ...وإني قد رحمت ضعفك ، وأقللت عثرتك ، وقبلت توبتك ، وسمعت تضرعك ، وغفرت ذنبك فقل: لا إله إلا أنت ، سبحانك اللهم وبحمدك ظلمت نفسي وعملت السوء ، فتب علي إنك أنت التواب الرحيم . فقالها آدم فقال له ربه: قل لا إله إلا أنت ، سبحانك اللهم وبحمدك ظلمت نفسي وعملت السوء ، فتب علي إنك أنت الغفور الرحيم . فقالها آدم . فقال له ربه: قل لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك ظلمت نفسي وعملت السوء ، فتب علي إنك أنت أرحم الرحيم . فقـــالـهـا آدم .
فتاب عليـه ربـه وغـفـر لــه ورحمــه وهـي وصيـــة لـنـا إلـى يـوم الـــديـــن.