إن الجزائر المسلمة هي ارض البطولات وبلد التضحيات التي أرخصت الدماء الغالية فيسبيل عقيدة الإسلام، والذبّ عن حياض الوطن الإسلامي، وقاومت المستعمرين سنين طويلة،وانتفضت كالمارد بعد طول رقاد، وقدمت الشهداء بمئات الألوف لتفخر أن يكون في طليعةرجالها ومقدمة أبطالها ابنها البار الفضيل الورتلاني، الذي كان كالشامة في جبينالأمة الجزائرية المسلمة، لما يتمتع به من صفات لا تتوافر إلا في القلة القليلة منأصحاب العزائم، لأن الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة
إن جمعية العلماء المسلمين الجزائرين كان لها الفضل – بعد الله – في تخريج هذهالقمم السامقة وهؤلاء الأئمة الأعلام والرجال العظام، ولن ينسى المنصفون من الناسهذا الدور العظيم لهذه الجمعية المباركة، سواء في داخللالجزائر أو خارجها، فقد كانلمكتبها في القاهرة وفيه أمثال الإبراهيمي، والورتلاني دور فاعل مؤثر في تهيئةالرأي العام العربي والإسلامي للوقوف إلى جانب الجزائر في محنتها، كما كان لهذهالجمعية الأثر الكبير في جمع كلمة الدعاة والقادة المسلمين في العالم العربيوالإسلامي لمواجهة التحدي الاستعماري الذي يستهدف الإسلام كدين والمسلمين كأمة،والأرض الإسلامية كوطن.
ولقد استطاع الشيخ البشير الإبراهيمي بمؤازرة أخيه الفضيل الورتلاني أن يكسباتأييد الشعوب العربية والإسلامية، بل بعض الحكام المسلمين بحيث صارت قضية الجزائرالمحور الأساسي للخطب والمحاضرات والندوات والمؤتمرات.
وأقبل الناس يجودون بأموالهم بسخاء منقطع النظير، لرفد حركة الجهاد الإسلامي فيالجزائر، وقامت المظاهرات الكبرى في أنحاء العالم العربي والإسلامي، كلها تؤيدوتؤازر شعب الجزائر المسلم في تصديه للطغيان الفرنسي، وأصبحت لا ترى مسجداً أونادياً أو معهداً أو مقهى أو مجتمعاً، إلا وكان الحديث فيه عن الجزائر وجهادهاوضرورة الوقوف إلى جانب شعبها المسلم المجاهد. ولقد فاضت انهار الصحف والمجلاتبالقصائد والمقالات التي تهيب بالمسلمين جميعاً لدعم إخوانهم مسلمي الجزائر.
إن هذا الدور الرائد الذي قام به الإبراهيمي والورتلاني وإخوانهما ليسجل فيصفحات التاريخ المشرقة، كما نرجو من الله تعالى أن يجعل ذلك في موازين حسناتهما يومالقيامة.